تأتي المنتديات الجهوية والإقليمية لمؤسسات الشباب كمرحلة مفصلية في مسار إصلاح قطاع الشباب بالمغرب، حيث تعتمد وزارة الشباب والثقافة والتواصل رؤية تشاركية تهدف إلى بناء نموذج جديد من المؤسسات المواطنة القادرة على الاستجابة لانتظارات الجيل الجديد. وتمثل هذه المنتديات فضاءً حيويًا لتبادل وجهات النظر وبناء توافقات حول أولويات المرحلة المقبلة، في أفق تنظيم المناظرة الوطنية الأولى التي ستضع أسس سياسة شبابية أكثر نجاعة واندماجًا وابتكارًا.
منتديات جهوية وإقليمية برؤية تشاركية شاملة
تعكس المنتديات التي تشرف عليها الوزارة إرادة حقيقية للانتقال من التدبير التقليدي لمؤسسات الشباب إلى نموذج جديد يقوم على التشاور والانفتاح على الفاعلين المحليين والترابيـين. وتتيح هذه اللقاءات للأطر الإدارية والتربوية، الجمعيات، المنتخبين، والشباب أنفسهم فرصة تقديم اقتراحاتهم وملاحظاتهم واستشراف مستقبل مؤسساتهم.
وتسعى الوزارة من خلال هذا المسار التشاركي إلى صياغة حلول واقعية قابلة للتنفيذ، ترتكز على خصوصيات كل جهة وإقليم، وعلى الإمكانيات المتوفرة والرهانات التنموية القائمة.
أهداف المنتديات: نحو تحسين الحكامة وتجويد الخدمات
تهدف المنتديات الجهوية والإقليمية لمؤسسات الشباب إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تنسجم مع التحولات المجتمعية والاحتياجات المتزايدة للشباب المغربي، ومن أبرزها:
-
تقييم وضعية مؤسسات الشباب واقتراح مسارات للتطوير والتجديد.
-
تعزيز الحكامة المحلية والجهوية وتقوية التنسيق بين مختلف المتدخلين.
-
الاستماع إلى تطلعات الشباب وإشراكهم في تطوير سياسات وبرامج القرب.
-
وضع تصور أولي للمحاور التي ستشكل مادة النقاش خلال المناظرة الوطنية المقبلة.
-
خلق دينامية جديدة داخل المؤسسات تجعلها فضاءات دامجة وآمنة ومبتكرة.
فضاء مفتوح للحوار وتبادل الخبرات
توفر هذه المنتديات بيئة خصبة للتبادل والتفاعل بين المشاركين، حيث تُطرح الإشكالات الأساسية المرتبطة بواقع المؤسسات، سواء من حيث البنية التحتية، التأطير، الموارد البشرية، أو نوعية الخدمات.
كما تسمح اللقاءات بعرض تجارب ناجحة على المستوى الجهوي والإقليمي يمكن اعتمادها كنماذج وطنية، مثل برامج التمكين الرقمي، الورشات الإبداعية، نوادي التدريب القيادي، والأنشطة الاجتماعية والثقافية.
إن هذا التبادل يعزز روح المشاركة والثقة بين مختلف الفاعلين، ويؤسس لمرحلة جديدة تُبنى على الاستماع والحوار بدل القرارات الفوقية.
نحو بناء تصور وطني موحد للمناظرة الوطنية الأولى
تُعتبر هذه المنتديات بمثابة ورش تمهيدي يرمي إلى بلورة تصور شمولي ووطني للمناظرة الوطنية الأولى لمؤسسات الشباب. وفي هذا الإطار، تعمل فرق الوزارة على جمع خلاصات اللقاءات، تصنيفها، وتحليلها، بهدف إعداد وثيقة مرجعية تشكل قاعدة للنقاش الوطني.
ويُنتظر أن تشكل المناظرة الوطنية لحظة مفصلية لإعادة رسم ملامح قطاع الشباب، من خلال تقديم مقترحات عملية لتحسين جودة الخدمات، تطوير البنيات التحتية، تعزيز الرقمنة، وتحسين شروط العمل داخل المؤسسات.
خدمات دامجة ومبتكرة: أفق جديد لمؤسسات الشباب
من بين الرهانات الكبرى لهذه المنتديات، تحويل مؤسسات الشباب إلى فضاءات حقيقية للابتكار والاندماج الاجتماعي. فالوزارة تراهن على رؤية جديدة تجعل هذه المؤسسات:
-
منصات للتعلم الذاتي وتطوير المهارات الحياتية.
-
حاضنات للمواهب الفنية والرياضية والثقافية.
-
فضاءات رقمية مجهزة لدعم التعليم غير النظامي والتكوين المستمر.
-
مراكز للإبداع المجتمعي وتعزيز روح المقاولة الشبابية.
ويتطلب هذا التحول اعتماد برامج تتماشى مع تطور التكنولوجيا والميولات الحديثة للشباب، مع التركيز على دعم القدرات، التثقيف، والإدماج.
مشاركة الشباب في صياغة السياسات: قلب العملية الإصلاحية
لا يمكن تصور تجديد مؤسسات الشباب دون جعل الشباب في صُلب اتخاذ القرار، فالمنتديات تسمح لهم بإيصال صوتهم واقتراحاتهم بوضوح. ويُعد هذا التوجه خطوة أساسية لترسيخ الديمقراطية التشاركية وتحقيق المساواة في الولوج إلى المعلومة وصناعة الحلول.
كما أن إشراك الشباب في بلورة السياسات العمومية يساهم في بناء مواطن نشيط مسؤول، قادر على قيادة التغيير داخل محيطه المحلي والوطني.
مخرجات المنتديات: مخططات عمل مرجعية قابلة للتنفيذ
من المرتقب أن تُختتم هذه اللقاءات بإعداد مخططات عمل جهوية وإقليمية تنبني على مقاربة واقعية، ترتكز على:
-
تحديد الأولويات.
-
ضبط الأهداف قصيرة ومتوسطة المدى.
-
اقتراح برامج عملية قابلة للتنفيذ.
-
وضع آليات للتتبع والتقييم المستمر.
وتهدف هذه المخططات إلى تعزيز فعالية مؤسسات الشباب، وخلق فضاءات أكثر جاذبية وملاءمة، تستجيب لتطلعات الشباب وتمنحهم فرصًا جديدة للتعلم، المشاركة، والإبداع.
إن الرهان الأكبر هو بناء مؤسسات حية نابضة بالحياة، تحتضن الطاقات الشابة وترافق مسارها نحو التمكين الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
تؤكد المنتديات الجهوية والإقليمية لمؤسسات الشباب أن المغرب يسير نحو مرحلة جديدة تعتمد على الرؤية التشاركية والتدبير التعاوني. فالمناظرة الوطنية المقبلة لن تكون مجرد لقاء رسمي، بل محطة أساسية لإعادة موقعة مؤسسات الشباب داخل المشهد التنموي، وتحويلها إلى رافعة حقيقية لخدمة المجتمع وتمكين الشباب.
وبفضل هذا التوجه، تتعزز الأدوار التربوية، الثقافية، والاجتماعية لهذه المؤسسات، مما يساعد على بناء جيل أكثر تأهيلاً، انفتاحًا، وقدرة على الإبداع.
.jpg)
