في حدث اجتماعي بارز، شهدت منطقة المكانسة بعمالة مقاطعة عين الشق (الدار البيضاء)، يوم الأربعاء 03 دجنبر، افتتاح مركز "الحدويين" لتأهيل وإدماج الأطفال والشباب في وضعية إعاقة ذهنية. ويأتي هذا المشروع بدعم من اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للأشخاص في وضعية إعاقة، ليشكل إضافة نوعية في مجال التربية الدامجة والدعم الاجتماعي داخل المنطقة.

وحضر الافتتاح عامل عمالة مقاطعة عين الشق، بشرى برادي، إلى جانب ممثلي القطاعات الشريكة، ما يعكس أهمية هذا المشروع كأحد أبرز المبادرات الاجتماعية الرامية إلى تعزيز حقوق الأطفال والشباب في وضعية إعاقة، وتوسيع شبكة الخدمات المخصصة لهم داخل تراب العمالة.

ويُعد مركز "الحدويين" الذي تشرف على تسييره جمعية "فور موروكو"، بشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والمديرية الإقليمية للتعاون الوطني، نموذجًا متقدمًا للبنيات الاجتماعية الدامجة على الصعيد الوطني، إذ تم تصميمه وفق مقاربات حديثة تجمع بين التأهيل التربوي، الدعم الطبي وشبه الطبي، التكوين المهني، والدعم الأسري.

مركز الحدويين: رؤية اجتماعية شاملة في خدمة الأطفال والشباب في وضعية إعاقة

جاء افتتاح هذا المركز ليجسد رؤية وطنية ترتكز على النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، في انسجام مع مضامين الاستراتيجية الوطنية للإدماج الاجتماعي، وبرامج المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تولي أهمية كبرى للدعم الاجتماعي لفائدة الفئات الهشة.

ويُشكل المركز رافعة قوية داخل عمالة مقاطعة عين الشق لتعزيز الاندماج الاجتماعي والتربوي، خصوصًا في منطقة المكانسة التي تعرف إقبالًا كبيرًا على خدمات التربية الدامجة والتأهيل المهني. وتم تصميم المركز ليستجيب لمختلف الحاجيات الفردية للأطفال والشباب، من خلال تقديم خدمات متكاملة تعتمد أحدث المناهج التربوية والتأهيلية.

أربع وحدات رئيسية: منظومة خدمات شاملة ومتكاملة

يقدم مركز "الحدويين" منظومة خدماتية متكاملة تتوزع على أربع وحدات رئيسية، تم إعدادها بعناية لتلبية مختلف حاجيات المستفيدين:

1. وحدة التربية والتأهيل

تضم هذه الوحدة برامج تربوية متنوعة تهدف إلى تعزيز المهارات الإدراكية والسلوكية للأطفال في وضعية إعاقة ذهنية. وتشمل:

  • التعليم الأولي الدامج

  • مواكبة تربوية فردية وجماعية وفق مقاربات حديثة

  • ورشات تنمية المهارات الحياتية والاستقلالية

  • برنامج الإدماج المدرسي بتنسيق مع المؤسسات التعليمية المجاورة

وتسعى هذه الوحدة إلى تقوية التعلمات الأساسية للأطفال، ومساعدتهم على بناء مسار تعليمي دامج وفعّال داخل الوسط المدرسي.

2. وحدة الخدمات الطبية وشبه الطبية

تتوفر الوحدة الطبية على طبيب عام وممرضة قارة يشرفان على المتابعة الصحية للمستفيدين. كما تقدم الوحدة خدمات شبه طبية تشمل:

  • العلاج النفسي والتتبع السيكولوجي

  • العلاج النفسي الحركي

  • الترويض الطبي

  • تأهيل النطق والتواصل

  • الدعم الاجتماعي للأسر

وتعتمد الوحدة على نهج وقائي وتأهيلي، يشمل إعداد ملفات طبية فردية ومواكبة خاصة لكل حالة.

3. وحدة التكوين المهني والحرفي

تهدف هذه الوحدة إلى تمكين الشباب القادرين على الاندماج المهني من مهارات عملية تفتح لهم آفاقًا جديدة داخل سوق الشغل المحلي. وتشمل مسارات التكوين:

  • الإعلاميات والأنفوغرافيا

  • البستنة والزراعة

  • الضيافة والاستقبال

  • الحلاقة

وتهدف هذه البرامج إلى توفير مهن مدرة للدخل ومساعدة الشباب على بناء مستقبل مهني مستدام.

4. وحدة الدعم الأسري والمجتمعي

تلعب الأسرة دورًا محوريًا في نجاح عملية الإدماج، ولهذا يولي المركز اهتمامًا كبيرًا لمواكبتها عبر:

  • حصص تكوين وتوجيه للأسر حول كيفية التعامل مع الإعاقة

  • لقاءات دعم نفسي لفائدة الآباء والأمهات

  • حملات تحسيسية وتوعوية لتعزيز ثقافة الإدماج

  • التنسيق مع الفاعلين الاجتماعيين والتربويين والصحيين بالمنطقة

وتسهم هذه الوحدة في رفع الوعي المجتمعي وتشجيع الأسر على المشاركة الفعالة في مسار أبنائها.

تصريحات تعكس قوة المشروع وأثره المنتظر

خلال افتتاح المركز، أكدت هند حنين، رئيسة قسم العمل الاجتماعي بعمالة مقاطعة عين الشق، أن المشروع يُعد خطوة مهمة لتقليص الفوارق الاجتماعية، خاصة في منطقة المكانسة، عبر تعزيز العرض التربوي والصحي والمهني لفائدة الأشخاص في وضعية هشاشة.

وأبرزت أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بشراكة مع مختلف المتدخلين، ستواصل العمل لإنجاح هذا النموذج الاجتماعي المندمج الذي يشكل أحد المشاريع الرائدة على المستوى الترابي.

من جهته، أوضح ياسين الريخ، رئيس جمعية "فور موروكو"، أن المركز يجسد ثمرة عمل ميداني مشترك بين مختلف الشركاء، واعتماد مقاربة شمولية متكاملة ترتكز على دعم المستفيدين عبر برامج تربوية، طبية، ومهنية ذات جودة عالية.

بدورها، اعتبرت لطيفة لماليف، المديرة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بعين الشق، أن المركز ينضاف إلى مراكز الفرصة الثانية، في صيغة دامجة، لاستقبال الأطفال والشباب المستفيدين من تكوينات مهنية تدعم اندماجهم السوسيو-اقتصادي.

أما فاطمة العشوري، المديرة الإقليمية للتعاون الوطني، فأكدت أن المركز يمثل لبنة جديدة ضمن شبكة مراكز التربية والتكوين، مشيرة إلى دور التعاون الوطني في دعم برامج التأهيل التربوي وشبه الطبي، وتعزيز قدرات الأطر، ووضع دلائل مهنية لضمان جودة الخدمات.

خطوة استراتيجية نحو إدماج مستدام وفعّال

يُعد افتتاح مركز "الحدويين" نقلة نوعية في تعزيز الإدماج الاجتماعي والتربوي للأطفال والشباب في وضعية إعاقة ذهنية بعمالة عين الشق. فهو يجسد رؤية تنموية دامجة تعتمد على مقاربات علمية حديثة، ويدعم الأسر، ويؤهل الشباب لفرص مهنية حقيقية.

وسيساهم هذا المشروع في تحسين جودة الحياة، والارتقاء بالمهارات التربوية والاجتماعية للمستفيدين، وترسيخ قيم الإدماج والمواطنة داخل المجتمع المحلي.


[أخبار جمعوية][horizontal][recent][5]